وصف وزير الكهرباء والطاقة اليمني المهندس مانع بن يمين، منحة المشتقات النفطية التي قدمتها المملكة العربية السعودية، بأهم دعم اقتصادي لليمن لمس نتائجه المواطن بشكل مباشر من خلال التحسن الملحوظ في خدمة الكهرباء، مشدداً على أهمية تجديدها للتغلب على الظروف الحالية. وأشار، في حواره مع «عكاظ»، إلى التكلفة الباهظة لشراء الوقود لمحطات التوليد والتي تقدر بـ75 مليون دولار شهرياً، معدداً الأسباب التي أدت إلى التدهور في خدمات الكهرباء على مستوى محافظات اليمن.
• ما طبيعة المنحة السعودية للمشتقات النفطية والنتائج التي تحققت من ورائها في قطاع الكهرباء ؟
•• الحقيقة أن دعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية كبير للغاية يعكس حجم ومتانة العلاقة بين البلدين، ونحن نثمن هذا الدعم ونقدر للمملكة وقوفها إلى جانبنا، وخلال الخمس السنوات الأخيرة، تسلمنا ثلاث منح للمشتقات النفطية لمحطات توليد الكهرباء، ما يميزها عن غيرها أنها كانت بنظام رقابي إشرافي مصاحب، بمعنى وجود رقابة على مدار الساعة لتحركات الوقود، منذ تعبئته من المنشأة الخاصة بالمصافي، أو في شركات النفط، بفرعيها في عدن وحضرموت، حتى وصولها إلى محطات الكهرباء، إلى جانب إشراف على ضمان أن يتم استخدام هذا الوقود بكفاءة، بمعنى أنه أي محطة تتجاوز معدل استهلاك الوقود المتعارف عليه حسب ما جاء في عقود شراء الطاقة يتم إيقافها، حتى تتم العودة للمعايير المحددة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بموجب المنحة، وهناك حد أعلى لاستهلاك الوقود في هذه المحطات، فإذا ما جاء هذا المعدل أكثر من الحد المعياري المتعارف عليه، لدى لجنة الإشراف والرقابة، يتم إيقاف تغذية هذه المحطة بالوقود، إلى أن يتم رفع كفاءة المحطة من أجل تقليل معدل استهلاك الوقود.
وكان للمنحة السعودية أثر مباشر على تحسين كفاءة الإنتاج في توليد الكهرباء بوضعها الراهن وخلق نظام رقابي جديد، نظام الرقابة المصاحبة، وهو ما كنا نفتقده سابقاً، إلى جانب ما شكلته المنحة من أثر اقتصادي مباشر خفف من أعباء الإنفاق الحكومي على محطات الكهرباء، وبالتالي تم استخدام الموارد القليلة لدى الحكومة في تغطية العجز في الموازنة، وصرف المرتبات والاستفادة من تلك الأموال في توفير الغذاء وغيرها، وساعدت على استقرار الصرف.
لذا فإن المنحة تشكل أهم دعم اقتصادي لليمن، لمس أيضاً نتائجه المواطن بشكل مباشر، من خلال التحسن الملحوظ في خدمة الكهرباء، وخلق استقرار في محطات الكهرباء، والفوائد كبيرة لا حصر لها، ونسعى لتجديد منحة المشتقات النفطية، حيث نحن نعجز عن توفير كميات الوقود لتشغيل ثماني ساعات في هذه الظروف الحالية.
• هل وصلتم إلى العجز عن توفير الوقود لمواجهة المشكلة ؟
•• الحقيقة أننا فعلاً وبكل وضوح وصلنا في وزارة الكهرباء إلى مرحلة نجد فيها صعوبة كبيرة في توفير الوقود لمحطات تعمل بتكلفة عالية ونحتاج يومياً لمليونين ونصف المليون دولار، ويمكنك مع هذا المبلغ الكبير أن تتخيل حجم المشكلة التي نعاني منها في إنتاج الكهرباء.
• كيف يمكن الاستغناء عن استخدام الديزل في الوقت الحالي، وكم نسبة التوليد الذي يعتمد عليه ؟
•• يشكل استخدام مادة الديزل في العاصمة عدن في الوقت الحالي من 60 - 70% من خلال المحطات التي تعمل بوقود الديزل، أما في محافظة لحج فجميع المحطات تعمل بوقود الديزل. وكذلك الأمر في محافظة أبين، حيث تعمل جميع المحطات بوقود الديزل. أما في محافظة حضرموت في الساحل تقريباً 70% من المحطات تعتمد على مادة المازوت، و30% تعتمد على وقود الديزل. وفي محافظة المهرة كل المحطات تعمل بوقود الديزل. وفي وادي حضرموت تقريباً 75 إلى 80% من التوليد عبر محطات تعمل من خلال استخدام مادة الغاز عبر محطتين للغاز محطة بترومسيلة الغازية في القطاع 10 في هضبة حضرموت وأيضاً عبر محطة الجزيرة لشراء الطاقة بمادة الغاز التي تبلغ فيها الطاقة الفعلية تقريبا 35، بينما الطاقة المنتجة من 10 إلى 15 ميجاوات على حسب الغاز المنتج، مع العلم أنه الآن هناك نقص في إمداد الغاز لهذه المحطات بسبب توقف تصدير النفط مما أثر على بعض حقول النفط الذي أغلبه يعتمد على الغاز المصاحب، أما في محافظة مأرب فـ90% يعتمد على مادة الغاز من محطة مأرب الغازية والـ10% على مادة الديزل. وفي محافظة شبوة جميع المحطات تستخدم مادة الديزل باستثناء عسيلان 5 ميجا، وهي تعمل من خلال الغاز والديزل وتعمل حاليا بالديزل.
تكلفة باهظة
• كم التكلفة الشهرية واليومية لشراء الوقود للمحطات ؟ •• بالنسبة لتكلفة شراء الوقود لمحطات توليد الكهرباء تقدر بـ75 مليون دولار شهرياً، ولك أن تتخيل أيضاً حجم التكلفة على سبيل المثال في محافظة عدن وحدها 1,800,000 دولار يومياً لتوفير الوقود فقط من نفط خام وديزل ومازوت، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى شراء الوقود من السوق المحلية للتعامل مع هذا الوضع الطارئ وذلك من خلال إنزال مناقصات في ظل تغيرات تطرأ على أسعار الوقود من حين إلى آخر، نظراً لأنه لا يوجد لدينا مخزون للوقود، وهذا الأمر نحن لا نستفيد منه في الوقت الحالي ويؤثر علينا بشكل كبير، في وقت كنا نشتريه قبل سنتين بشكل شهري تقريباً. ولكن قبل أقل من سنة اعتمدنا كميات قليلة بسبب عدم توفر الموارد والمبالغ المرصودة لتغطية هذا الاحتياج، ولعزوف التجار عن الدخول في المناقصات الكبيرة، فأصبحت عملية الشراء تتم بشكل طارئ بكميات إسعافية. فكلفة إنتاج الكهرباء يذهب 80% منها لشراء الوقود، و20% كلفة تشغيلية لإنتاج الكهرباء في المحطات الحكومية التي تحتاج أيضاً للزيوت وأعمال الصيانة الطارئة والدورية والأجور وغيرها.
تدهور الكهرباء
• ما الذي أوصل الأوضاع إلى هذا الحال من التدهور في خدمة الكهرباء ؟
•• مشكلتنا الأساسية في اليمن التخبط في اتخاذ القرارات، رغم وجود خطط إستراتيجية سابقة، من هذا المنطلق أصبحنا خلال العشرين السنة الماضية نمضي إلى الخلف، في تدهور مستمر وواضح؛ عبر الاعتماد على تدخلات طارئة، كان الهدف منها حل مشكلة آنية، وللأسف لم يوازِ ذلك عمل إستراتيجي، بالتالي أصبحت هذه الحلول الإسعافية يتم اعتمادها كحلول إستراتيجية في واقعنا الحالي. وعند تكليفنا بالوزارة حرصنا على التفكير بشكل عملي، قائم على الإلمام بكل التفاصيل والتركيز على الاستفادة القصوى من موارد كل منطقة، والأخذ بعين الاعتبار للأولوية لكافة العوامل المرتبطة بذلك، ومنها بعد المناطق من مراكز الحمل في المدن الرئيسية، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار لأهمية إقامة خطوط لنقل الطاقة من مناطق حقول النفط إلى المدن والمناطق الأخرى. والأخذ بالاعتبار لتكلفة إنشاء خطوط النقل. ذلك فيما نخطط إليه في وضع المشاريع المتعلقة بإنتاج الطاقة.
بالتوازي مع هذا المسار، قمنا بالتركيز على المناطق البعيدة، خصوصاً العاصمة المؤقتة عدن، التي لا يمكن على الأقل في المدى المتوسط ربطها بخطوط النقل، وهي تشكل تقريباً أكثر منطقة احتياجاً للطاقة.
وحالياً تعد محطات التوليد معظمها انتهى عمرها الافتراضي، وتعمل بكلفة إنتاج عالية ومع ذلك نضطر في هذا الظرف للاعتماد عليها وذلك بالفصل عن الجدوى الاقتصادية من بقائها في الخدمة.
وخلال كل ذلك لم تحدث لدينا في اليمن؛ مواكبة التطور الحاصل في العالم، في مجالات إنتاج الطاقة وظل الاعتماد على هذه المحطات المتهالكة، دون مراعاة لحجم الطلب المتنامي على الطاقة وحالة النمو السكاني والعمراني المتلاحق وصولاً للحالة التي نمر بها، ونحن مضطرون في الوقت الحالي لإبقائها بالخدمة. • المواطنون في عدن يسألون: أين الكهرباء ؟
•• الحقيقة نحن نتفهم مطالب المواطنين، ونشعر بالكثير من المسؤولية تجاهها، ونلمس المعاناة الكبيرة التي يعيشونها خلال صيف ساخن تتجاوز فيه درجة الحرارة الـ40 درجة مئوية، وللإجابة عن سؤالك بشكل مباشر فإن الكهرباء تحتاج في الوقت الحالي إلى توفير الوقود للمحطات، التي تعتمد بالأساس على مادة الديزل الذي يتسم بالتكلفة العالية ويتطلب ملايين الدولارات، وهو ما يفوق إمكانات الدولة، ما يمثل مشكلة حقيقية في الوقت الحالي، خصوصاً مع انتهاء منحة المشتقات النفطية المقدمة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهذا التوقف ضاعف من حجم المشكلات لدينا، وأصبحنا نلاحق توفير كميات الوقود بشكل يومي من خلال اللجوء إلى خيارات صعبة سواء من خلال الشراء من السوق المحلية أو السلف من التجار أو شركة النفط، وذلك لتشغيل محطات التوليد، لضمان تقديم خدمة الكهرباء لساعات محدودة، لا تتجاوز ثماني ساعات باليوم، فالكثير لا يعرفون بالظروف التي نمر بها في وزارة الكهرباء، هي إشكالات عدة ناتجة عن تراكم المشكلة لسنوات عدة، قادت للكثير من الإشكالات والمزيد من التدهور في خدمة الكهرباء من عام إلى آخر. وفي عدن تبرز المشكلة أكبر باعتبارها الأكثر تكلفة، والأكثر احتياجاً للكهرباء، وبالتالي نحن نعمل على حل هذه المشكلة على المدى القريب، من خلال رؤية متكاملة في العمل على إنشاء المحطات التي تعمل بتكلفة أقل، وغيرها من الحلول الأخرى.
ونحن نعمل دون توقف على تحسين الخدمة ورفع ساعات التشغيل على المدى القريب وبالتدريج بحيث تصل خلال العام القادم إلى ما بين 16 إلى 18 ساعة في اليوم خلال فترة الصيف، بحيث تتحسن الأوضاع للوصول إلى الاكتفاء في قادم السنوات، ليس من أجل توفير الخدمة فقط ولكن أيضاً لتقليل التكلفة والهدر في الإنفاق، بحيث نصل إلى إنتاج الكهرباء بأقل تكلفة ممكنة، حيث إنه في الوقت الحالي تكلفة إنتاج الكيلووات 350 ريالاً، ونحن نستهدف أن تكون تكلفة إنتاج الكيلووات ما بين 150 إلى 180 ريالاً، وذلك في حال تم التحول في محافظة عدن إلى تشغيل الكهرباء بوقود المازوت، من خلال إنشاء محطات إستراتيجية قريبة المدى، وهذا بالمتناول لو تم تجاوز الكثير من الإجراءات الروتينية المعقدة واتخاذ قرار عاجل بهذا.
• هل التركيز على عدن يعني أن وضع الكهرباء في بقية المحافظات المحررة أفضل منها ؟
•• التركيز على محافظة عدن واضح ومهم، انطلاقاً من كونها عاصمة مؤقتة، وما تضطلع به من دور ومسؤوليات في هذا الجانب. ويمكن اعتبار إصلاح وضع الكهرباء فيها نقطة الانطلاقة الأولى في النهوض بواقع خدمة الكهرباء، ناهيك عن طبيعة الطقس ودرجة الحرارة المرتفعة في عدن والمعاناة المستمرة فيها لما يزيد على ثماني سنوات، منذ تحرير عدن فهي لا تزال تعاني من نفس الإشكالات، في مسألة الكهرباء، التي لم تحل فيها طيلة هذه السنوات.
وبالتالي تم التركيز على عدن بصفتها الأكثر احتياجاً للطاقة والأكثر كلفة في الإنتاج وهنا تكمن المشكلة الحقيقية. لذلك نحن ندرك حاجة عدن للطاقة وذلك يستدعي توفير طاقة توليد تعمل بوقود المازوت الذي سيعمل على تقليل الكلفة لنحو 50% من كلفة الإنتاج الحالية.
حلول إسعافية
• ما الحلول التي يمكن اتخاذها على المدى القصير لمواجهة هذا الوضع ؟
•• هناك العديد من الحلول الإسعافية، لكنها مكلفة جداً، خصوصاً في محافظة عدن، وذلك فيما لو تم توفير الموارد المطلوبة، وبعض استحقاقات الطاقة التي نشتريها، والتنسيق مع هذه الشركات في رفع القدرات التوليدية لديها، للوصول إلى الحد 175 ميجاوات خلال شهر، ولكن ذلك يتطلب تسديد المديونيات التي مضى على بعضها أكثر من خمس وسبع سنوات. وهذه أيضاً واحدة من الإشكالات الكبيرة التي تواجهنا في عدم انتظام دفع مستحقات الطاقة التي نشتريها. أما بالنسبة للمحطات الحكومية، فنحن نعمل على قدم وساق لرفع القدرات التوليدية المتاحة، وعملنا على الإسراع في توفير قطاع الغيار للمحطات التي تعمل بالديزل، التي كانت متوقفة منذ فترة طويلة، والحقيقة وفقاً لكل تلك الظروف فإن أفضل حل إسعافي هو العمل على سرعة تجديد منحة المشتقات النفطية لمحطات التوليد المقدمة من قبل الأشقاء في المملكة العربية السعودية، هذا الحل سيخلق لدينا استقراراً كبيراً، يلمس نتائجه المواطن بشكل مباشر، في تحسن خدمة الكهرباء أفضل من الوضع الحالي، وسيؤدي الاستقرار في الوقود إلى التحسن التدريجي والمستمر.
صيانة المحطات
• ماذا عن صيانة المحطات للحفاظ على قدرتها في إنتاج الكهرباء ؟
•• في ما يتعلق بأعمال الصيانة يوجد صيانة دورية يجب أن تخضع لها المحطات للحفاظ على استمرارها وكفاءة إنتاجها وتجديد عمرها الافتراضي، وأعمال الصيانة الطارئة ناتجة عن خلل وأعطال تحدث بشكل متكرر، وفي الوقت الحالي نعمل للاستفادة القصوى في عملية إنتاج الطاقة ورفع القدرة التوليدية للمحطات الحالية لعدم توفر المحطات الإستراتيجية التي يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي ننفذ أعمال الصيانة، والتي تجري حاليا بوتيرة عالية في وقت لا يمكن إغفال الإشكالات المتعددة في هذا الجانب، والتي تعد امتداداً للسنوات الماضية والمتمثلة في عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المتعلقة بأعمال الصيانة. وحقيقة لم تتمكن وزارة الكهرباء والطاقة من الوفاء بالتزاماتها بهذا الجانب، بسداد مستحقات الشركات التي تقوم بأعمال الصيانة، ما أدى إلى تراجع مستوى تنفيذ الصيانات المطلوبة في الوقت المناسب، الأمر الذي يلقي بظلاله على عدم القدرة على توفير قطع الغيار بشكل سريع. أما في ما يتعلق بالطاقة المنتجة من شركات بيع الطاقة، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن، فقد كانت الطاقة المنتجة من هذه الشركات خلال العام الماضي 175 ميجاوات، كقدرة إجمالية للمحطات التي تعمل بوقود الديزل والتي تعد بالأساس طاقة اعتمادية، وحالياً خلال هذا العام تراجع إنتاج الطاقة المشتراة إلى 100 ميجاوات، وهذه إحدى الإشكالات التي عانينا منها في فقدان وخروج 75 ميجاوات من المنظومة، وذلك بسبب عدم انتظام تسديد مديونيات شركات الطاقة المشتراة، ما أثر على الطاقة المنتجة من تلك الشركات، وطبعاً يتم احتساب المستحقات بحسب الطاقة المنتجة فعلياً وفقاً لعقود واضحة وصريحة تنظم هذه العملية.
• ما طبيعة المنحة السعودية للمشتقات النفطية والنتائج التي تحققت من ورائها في قطاع الكهرباء ؟
•• الحقيقة أن دعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية كبير للغاية يعكس حجم ومتانة العلاقة بين البلدين، ونحن نثمن هذا الدعم ونقدر للمملكة وقوفها إلى جانبنا، وخلال الخمس السنوات الأخيرة، تسلمنا ثلاث منح للمشتقات النفطية لمحطات توليد الكهرباء، ما يميزها عن غيرها أنها كانت بنظام رقابي إشرافي مصاحب، بمعنى وجود رقابة على مدار الساعة لتحركات الوقود، منذ تعبئته من المنشأة الخاصة بالمصافي، أو في شركات النفط، بفرعيها في عدن وحضرموت، حتى وصولها إلى محطات الكهرباء، إلى جانب إشراف على ضمان أن يتم استخدام هذا الوقود بكفاءة، بمعنى أنه أي محطة تتجاوز معدل استهلاك الوقود المتعارف عليه حسب ما جاء في عقود شراء الطاقة يتم إيقافها، حتى تتم العودة للمعايير المحددة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بموجب المنحة، وهناك حد أعلى لاستهلاك الوقود في هذه المحطات، فإذا ما جاء هذا المعدل أكثر من الحد المعياري المتعارف عليه، لدى لجنة الإشراف والرقابة، يتم إيقاف تغذية هذه المحطة بالوقود، إلى أن يتم رفع كفاءة المحطة من أجل تقليل معدل استهلاك الوقود.
وكان للمنحة السعودية أثر مباشر على تحسين كفاءة الإنتاج في توليد الكهرباء بوضعها الراهن وخلق نظام رقابي جديد، نظام الرقابة المصاحبة، وهو ما كنا نفتقده سابقاً، إلى جانب ما شكلته المنحة من أثر اقتصادي مباشر خفف من أعباء الإنفاق الحكومي على محطات الكهرباء، وبالتالي تم استخدام الموارد القليلة لدى الحكومة في تغطية العجز في الموازنة، وصرف المرتبات والاستفادة من تلك الأموال في توفير الغذاء وغيرها، وساعدت على استقرار الصرف.
لذا فإن المنحة تشكل أهم دعم اقتصادي لليمن، لمس أيضاً نتائجه المواطن بشكل مباشر، من خلال التحسن الملحوظ في خدمة الكهرباء، وخلق استقرار في محطات الكهرباء، والفوائد كبيرة لا حصر لها، ونسعى لتجديد منحة المشتقات النفطية، حيث نحن نعجز عن توفير كميات الوقود لتشغيل ثماني ساعات في هذه الظروف الحالية.
• هل وصلتم إلى العجز عن توفير الوقود لمواجهة المشكلة ؟
•• الحقيقة أننا فعلاً وبكل وضوح وصلنا في وزارة الكهرباء إلى مرحلة نجد فيها صعوبة كبيرة في توفير الوقود لمحطات تعمل بتكلفة عالية ونحتاج يومياً لمليونين ونصف المليون دولار، ويمكنك مع هذا المبلغ الكبير أن تتخيل حجم المشكلة التي نعاني منها في إنتاج الكهرباء.
• كيف يمكن الاستغناء عن استخدام الديزل في الوقت الحالي، وكم نسبة التوليد الذي يعتمد عليه ؟
•• يشكل استخدام مادة الديزل في العاصمة عدن في الوقت الحالي من 60 - 70% من خلال المحطات التي تعمل بوقود الديزل، أما في محافظة لحج فجميع المحطات تعمل بوقود الديزل. وكذلك الأمر في محافظة أبين، حيث تعمل جميع المحطات بوقود الديزل. أما في محافظة حضرموت في الساحل تقريباً 70% من المحطات تعتمد على مادة المازوت، و30% تعتمد على وقود الديزل. وفي محافظة المهرة كل المحطات تعمل بوقود الديزل. وفي وادي حضرموت تقريباً 75 إلى 80% من التوليد عبر محطات تعمل من خلال استخدام مادة الغاز عبر محطتين للغاز محطة بترومسيلة الغازية في القطاع 10 في هضبة حضرموت وأيضاً عبر محطة الجزيرة لشراء الطاقة بمادة الغاز التي تبلغ فيها الطاقة الفعلية تقريبا 35، بينما الطاقة المنتجة من 10 إلى 15 ميجاوات على حسب الغاز المنتج، مع العلم أنه الآن هناك نقص في إمداد الغاز لهذه المحطات بسبب توقف تصدير النفط مما أثر على بعض حقول النفط الذي أغلبه يعتمد على الغاز المصاحب، أما في محافظة مأرب فـ90% يعتمد على مادة الغاز من محطة مأرب الغازية والـ10% على مادة الديزل. وفي محافظة شبوة جميع المحطات تستخدم مادة الديزل باستثناء عسيلان 5 ميجا، وهي تعمل من خلال الغاز والديزل وتعمل حاليا بالديزل.
تكلفة باهظة
• كم التكلفة الشهرية واليومية لشراء الوقود للمحطات ؟ •• بالنسبة لتكلفة شراء الوقود لمحطات توليد الكهرباء تقدر بـ75 مليون دولار شهرياً، ولك أن تتخيل أيضاً حجم التكلفة على سبيل المثال في محافظة عدن وحدها 1,800,000 دولار يومياً لتوفير الوقود فقط من نفط خام وديزل ومازوت، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى شراء الوقود من السوق المحلية للتعامل مع هذا الوضع الطارئ وذلك من خلال إنزال مناقصات في ظل تغيرات تطرأ على أسعار الوقود من حين إلى آخر، نظراً لأنه لا يوجد لدينا مخزون للوقود، وهذا الأمر نحن لا نستفيد منه في الوقت الحالي ويؤثر علينا بشكل كبير، في وقت كنا نشتريه قبل سنتين بشكل شهري تقريباً. ولكن قبل أقل من سنة اعتمدنا كميات قليلة بسبب عدم توفر الموارد والمبالغ المرصودة لتغطية هذا الاحتياج، ولعزوف التجار عن الدخول في المناقصات الكبيرة، فأصبحت عملية الشراء تتم بشكل طارئ بكميات إسعافية. فكلفة إنتاج الكهرباء يذهب 80% منها لشراء الوقود، و20% كلفة تشغيلية لإنتاج الكهرباء في المحطات الحكومية التي تحتاج أيضاً للزيوت وأعمال الصيانة الطارئة والدورية والأجور وغيرها.
تدهور الكهرباء
• ما الذي أوصل الأوضاع إلى هذا الحال من التدهور في خدمة الكهرباء ؟
•• مشكلتنا الأساسية في اليمن التخبط في اتخاذ القرارات، رغم وجود خطط إستراتيجية سابقة، من هذا المنطلق أصبحنا خلال العشرين السنة الماضية نمضي إلى الخلف، في تدهور مستمر وواضح؛ عبر الاعتماد على تدخلات طارئة، كان الهدف منها حل مشكلة آنية، وللأسف لم يوازِ ذلك عمل إستراتيجي، بالتالي أصبحت هذه الحلول الإسعافية يتم اعتمادها كحلول إستراتيجية في واقعنا الحالي. وعند تكليفنا بالوزارة حرصنا على التفكير بشكل عملي، قائم على الإلمام بكل التفاصيل والتركيز على الاستفادة القصوى من موارد كل منطقة، والأخذ بعين الاعتبار للأولوية لكافة العوامل المرتبطة بذلك، ومنها بعد المناطق من مراكز الحمل في المدن الرئيسية، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار لأهمية إقامة خطوط لنقل الطاقة من مناطق حقول النفط إلى المدن والمناطق الأخرى. والأخذ بالاعتبار لتكلفة إنشاء خطوط النقل. ذلك فيما نخطط إليه في وضع المشاريع المتعلقة بإنتاج الطاقة.
بالتوازي مع هذا المسار، قمنا بالتركيز على المناطق البعيدة، خصوصاً العاصمة المؤقتة عدن، التي لا يمكن على الأقل في المدى المتوسط ربطها بخطوط النقل، وهي تشكل تقريباً أكثر منطقة احتياجاً للطاقة.
وحالياً تعد محطات التوليد معظمها انتهى عمرها الافتراضي، وتعمل بكلفة إنتاج عالية ومع ذلك نضطر في هذا الظرف للاعتماد عليها وذلك بالفصل عن الجدوى الاقتصادية من بقائها في الخدمة.
وخلال كل ذلك لم تحدث لدينا في اليمن؛ مواكبة التطور الحاصل في العالم، في مجالات إنتاج الطاقة وظل الاعتماد على هذه المحطات المتهالكة، دون مراعاة لحجم الطلب المتنامي على الطاقة وحالة النمو السكاني والعمراني المتلاحق وصولاً للحالة التي نمر بها، ونحن مضطرون في الوقت الحالي لإبقائها بالخدمة. • المواطنون في عدن يسألون: أين الكهرباء ؟
•• الحقيقة نحن نتفهم مطالب المواطنين، ونشعر بالكثير من المسؤولية تجاهها، ونلمس المعاناة الكبيرة التي يعيشونها خلال صيف ساخن تتجاوز فيه درجة الحرارة الـ40 درجة مئوية، وللإجابة عن سؤالك بشكل مباشر فإن الكهرباء تحتاج في الوقت الحالي إلى توفير الوقود للمحطات، التي تعتمد بالأساس على مادة الديزل الذي يتسم بالتكلفة العالية ويتطلب ملايين الدولارات، وهو ما يفوق إمكانات الدولة، ما يمثل مشكلة حقيقية في الوقت الحالي، خصوصاً مع انتهاء منحة المشتقات النفطية المقدمة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهذا التوقف ضاعف من حجم المشكلات لدينا، وأصبحنا نلاحق توفير كميات الوقود بشكل يومي من خلال اللجوء إلى خيارات صعبة سواء من خلال الشراء من السوق المحلية أو السلف من التجار أو شركة النفط، وذلك لتشغيل محطات التوليد، لضمان تقديم خدمة الكهرباء لساعات محدودة، لا تتجاوز ثماني ساعات باليوم، فالكثير لا يعرفون بالظروف التي نمر بها في وزارة الكهرباء، هي إشكالات عدة ناتجة عن تراكم المشكلة لسنوات عدة، قادت للكثير من الإشكالات والمزيد من التدهور في خدمة الكهرباء من عام إلى آخر. وفي عدن تبرز المشكلة أكبر باعتبارها الأكثر تكلفة، والأكثر احتياجاً للكهرباء، وبالتالي نحن نعمل على حل هذه المشكلة على المدى القريب، من خلال رؤية متكاملة في العمل على إنشاء المحطات التي تعمل بتكلفة أقل، وغيرها من الحلول الأخرى.
ونحن نعمل دون توقف على تحسين الخدمة ورفع ساعات التشغيل على المدى القريب وبالتدريج بحيث تصل خلال العام القادم إلى ما بين 16 إلى 18 ساعة في اليوم خلال فترة الصيف، بحيث تتحسن الأوضاع للوصول إلى الاكتفاء في قادم السنوات، ليس من أجل توفير الخدمة فقط ولكن أيضاً لتقليل التكلفة والهدر في الإنفاق، بحيث نصل إلى إنتاج الكهرباء بأقل تكلفة ممكنة، حيث إنه في الوقت الحالي تكلفة إنتاج الكيلووات 350 ريالاً، ونحن نستهدف أن تكون تكلفة إنتاج الكيلووات ما بين 150 إلى 180 ريالاً، وذلك في حال تم التحول في محافظة عدن إلى تشغيل الكهرباء بوقود المازوت، من خلال إنشاء محطات إستراتيجية قريبة المدى، وهذا بالمتناول لو تم تجاوز الكثير من الإجراءات الروتينية المعقدة واتخاذ قرار عاجل بهذا.
• هل التركيز على عدن يعني أن وضع الكهرباء في بقية المحافظات المحررة أفضل منها ؟
•• التركيز على محافظة عدن واضح ومهم، انطلاقاً من كونها عاصمة مؤقتة، وما تضطلع به من دور ومسؤوليات في هذا الجانب. ويمكن اعتبار إصلاح وضع الكهرباء فيها نقطة الانطلاقة الأولى في النهوض بواقع خدمة الكهرباء، ناهيك عن طبيعة الطقس ودرجة الحرارة المرتفعة في عدن والمعاناة المستمرة فيها لما يزيد على ثماني سنوات، منذ تحرير عدن فهي لا تزال تعاني من نفس الإشكالات، في مسألة الكهرباء، التي لم تحل فيها طيلة هذه السنوات.
وبالتالي تم التركيز على عدن بصفتها الأكثر احتياجاً للطاقة والأكثر كلفة في الإنتاج وهنا تكمن المشكلة الحقيقية. لذلك نحن ندرك حاجة عدن للطاقة وذلك يستدعي توفير طاقة توليد تعمل بوقود المازوت الذي سيعمل على تقليل الكلفة لنحو 50% من كلفة الإنتاج الحالية.
حلول إسعافية
• ما الحلول التي يمكن اتخاذها على المدى القصير لمواجهة هذا الوضع ؟
•• هناك العديد من الحلول الإسعافية، لكنها مكلفة جداً، خصوصاً في محافظة عدن، وذلك فيما لو تم توفير الموارد المطلوبة، وبعض استحقاقات الطاقة التي نشتريها، والتنسيق مع هذه الشركات في رفع القدرات التوليدية لديها، للوصول إلى الحد 175 ميجاوات خلال شهر، ولكن ذلك يتطلب تسديد المديونيات التي مضى على بعضها أكثر من خمس وسبع سنوات. وهذه أيضاً واحدة من الإشكالات الكبيرة التي تواجهنا في عدم انتظام دفع مستحقات الطاقة التي نشتريها. أما بالنسبة للمحطات الحكومية، فنحن نعمل على قدم وساق لرفع القدرات التوليدية المتاحة، وعملنا على الإسراع في توفير قطاع الغيار للمحطات التي تعمل بالديزل، التي كانت متوقفة منذ فترة طويلة، والحقيقة وفقاً لكل تلك الظروف فإن أفضل حل إسعافي هو العمل على سرعة تجديد منحة المشتقات النفطية لمحطات التوليد المقدمة من قبل الأشقاء في المملكة العربية السعودية، هذا الحل سيخلق لدينا استقراراً كبيراً، يلمس نتائجه المواطن بشكل مباشر، في تحسن خدمة الكهرباء أفضل من الوضع الحالي، وسيؤدي الاستقرار في الوقود إلى التحسن التدريجي والمستمر.
صيانة المحطات
• ماذا عن صيانة المحطات للحفاظ على قدرتها في إنتاج الكهرباء ؟
•• في ما يتعلق بأعمال الصيانة يوجد صيانة دورية يجب أن تخضع لها المحطات للحفاظ على استمرارها وكفاءة إنتاجها وتجديد عمرها الافتراضي، وأعمال الصيانة الطارئة ناتجة عن خلل وأعطال تحدث بشكل متكرر، وفي الوقت الحالي نعمل للاستفادة القصوى في عملية إنتاج الطاقة ورفع القدرة التوليدية للمحطات الحالية لعدم توفر المحطات الإستراتيجية التي يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي ننفذ أعمال الصيانة، والتي تجري حاليا بوتيرة عالية في وقت لا يمكن إغفال الإشكالات المتعددة في هذا الجانب، والتي تعد امتداداً للسنوات الماضية والمتمثلة في عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المتعلقة بأعمال الصيانة. وحقيقة لم تتمكن وزارة الكهرباء والطاقة من الوفاء بالتزاماتها بهذا الجانب، بسداد مستحقات الشركات التي تقوم بأعمال الصيانة، ما أدى إلى تراجع مستوى تنفيذ الصيانات المطلوبة في الوقت المناسب، الأمر الذي يلقي بظلاله على عدم القدرة على توفير قطع الغيار بشكل سريع. أما في ما يتعلق بالطاقة المنتجة من شركات بيع الطاقة، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن، فقد كانت الطاقة المنتجة من هذه الشركات خلال العام الماضي 175 ميجاوات، كقدرة إجمالية للمحطات التي تعمل بوقود الديزل والتي تعد بالأساس طاقة اعتمادية، وحالياً خلال هذا العام تراجع إنتاج الطاقة المشتراة إلى 100 ميجاوات، وهذه إحدى الإشكالات التي عانينا منها في فقدان وخروج 75 ميجاوات من المنظومة، وذلك بسبب عدم انتظام تسديد مديونيات شركات الطاقة المشتراة، ما أثر على الطاقة المنتجة من تلك الشركات، وطبعاً يتم احتساب المستحقات بحسب الطاقة المنتجة فعلياً وفقاً لعقود واضحة وصريحة تنظم هذه العملية.